domingo, 1 de marzo de 2009

هوامش علي الدم الفلسطيني

هوامش علي الدم الفلسطيني طباعة ارسال لصديق
31/01/2009
باسل رمسيس
تلقيت بعض التعليقات حول مقالي الأخيرين المنشورين بجريدة «البديل» تتهمني باليأس وتعميمه علي القراء، وهو ما يمكن الرد عليه عبر دليل الكتابة نفسها، التي أراها فعلا تفاؤلية، فما الذي يدفع أحدهم من غير الكتاب، وهولا يستهدف أن يكونه، إلي العودة لهذا الفعل بعد أعوام خلال
المذبحة! أعتقد بأنها الرغبة في الحوار، والتحفيز علي ضرورة البحث عن بديل، وهو ما يعتبر تفاؤلا. ولنختتم الكتابة فيما يخص غزة حاليا ببعض التساؤلات والمشاهد المتناثرة.
خلال المذبحة الأخيرة سافرت لعمّان، لعدة أسباب، كان من بينها الرغبة في الاقتراب من فلسطين، ولنتأمل فقط بعض التفاصيل المتناقضة، في القاعة الرئيسية للحزب الشيوعي الأردني، هناك بالطبع الصور: جيفارا، ماركس، إنجلز، لينين، وصورتان لشهداء الحزب تحت التعذيب الملكي، وعلي صدر القاعة صورة للملك الأردني. التفصيلة الثانية هي أنه في عدد من الحانات غير الشعبية، المخصصة للترفيه حتي ساعات الصباح الأولي، تحتل شاشة قناة الجزيرة بكل ما يأتي من غزة مكانها المميز، ولكن دون صوت. والصوت السائد هو الموسيقي الغربية الصاخبة. أما التناقض الثالث، فهو انسجام الكتابة ضد فكرة المسيح المخلص، مع الإحساس بافتقاد وجود محمود درويش؟ ليس ليكتب عن هزيمتنا الجديدة، ربما فقط ليمنحنا بعضا من الأمان.
حين تقترب من دمك القريب، لتجده أبعد، تسيطر عليك المرارة والإحساس بالخسارة، وهو ما يدفع في هذه الحالة للتركيز علي تناقضاتنا، ومشاكلنا، وليس فقط التنديد بدموية عدونا. فعمّان تبعد ساعة عن القدس، ومدريد التي أسكن بها، تفصلها عن فلسطين ساعات كثيرة وليس بها كل هؤلاء اللاجئين، فلماذا أشعر في الأولي بالابتعاد أكثر؟ المقال السابق، والمكتوب في عمان، لم يكن تسفيها للجميع، هو فقط نفي لفكرة المسيح المخلص، لصالح فكرة إن كان هنالك من مخلص فهو فينا، نحن نصنع من ذاتنا المخلص، عبر عدم تجاهل تناقضاتنا وعجزنا الحالي.
ولنتحدث قليلا عن الإيجابي في هذه الهزيمة الأخيرة، متجاهلين مؤقتا تساؤل من المنتصر ومن المنهزم فيها؟ هؤلاء الملايين من البشر الذين خرجوا للاحتجاج في كل العالم، بانتماءاتهم لثقافات وأجناس مختلفة، أليس هم هذا الشيء الإيجابي؟ هل يكفي هنا الابتهاج بذلك دون محاولة الاستفادة من هذا الزخم إن وجد؟ أم نتوقف عند مؤتمر حماس الصحفي بعد نهاية المذبحة، الذي شمل إهانة عنصرية لملايين ممن شاركوا، حين يؤكد المتحدث الملثم أن اليهود قد أثبتوا أنهم أبخس أجناس الأرض؟ وهكذا يضع اليهود والصهاينة في سلة واحدة ويخلط بينهما دون أدني معرفة سياسية حقيقية.
بناء علي قطاع من الإعلام العربي فإن اليهود المتضامنين معنا والمعادين للصهيونية هم (فلان الفلاني من أصل يهودي) وهو ما ينفي وجود يهود معادين للصهيونية. حتي لدي جهاز تعبئتنا المسمي بقناة الجزيرة، فبالنسبة إليها العالم مقسم إلي مجموعات تنتمي إلي أديان مختلفة وفقط. برغم بعض التجميل الذي أضافته لخطابها خلال الأيام الأخيرة من الحرب، مستخدمة مصطلح المقاومة الفلسطينية. فهل علينا أن نصدق مرة أخري، بعد آلاف المرات، أن النضال الفاعل والناجح ضد إسرائيل، الكيان العنصري والقائم علي أسس دينية، من الممكن أن يكون علي أرضية دينية أيضا؟ هل علي أن أختار بين عنصرية صاحب الدم القريب وعنصرية وصهيونية صاحب الدم البعيد؟
التناقض يمتد إلي مستوي الإحساس بالقزمية تجاه بعض ما هو إيجابي، حين نكتشف أن لاعب كرة من مالي (كانوتيه) اللاعب في الدوري الإسباني أكثر فاعلية منا، حين يدخل عن طريق قميصه قضيتنا إلي ملايين البيوت، ونحن في المقابل برغم نياتنا وجهدنا نظل علي الهامش، متحدثين عن تغيير العالم بإجماله.
هامشنا هذه المرة - دون سخرية - هو صفحات الفيس بوك، للعرب وغيرهم من المتضامنين مع غزة، الآلاف الذين بدأوا في العد، ليطرحوا تساؤلا يوميا حول ما يحدث، وقاموا بتغيير صورهم بكلمة غزة أوبكلمة (قف)، ولكن التساؤل يظل هو كيفية ترجمة هذا إلي فعل حقيقي وبديل؟ وحتي لا تتلبسني الإيجابية بالكامل أتساءل: أين كان أصدقاؤنا اللبنانيون الذين جيشوا العالم كله عبر البريد الإلكتروني خلال حرب 2006؟ مساهمين في الحشد ضد حرب إسرائيل علي لبنان، ولم تصل من كثير منهم كلمة واحدة حين انتقلت المذبحة إلي غزة. فهل الدم الفلسطيني هذه المرة بعيد عن بيروت؟ هل علي تجاهل هذا الغياب وعدم التساؤل حوله؟ وبمناسبة الفيس بوك، أحد المصريين الإعلاميين المتضامنين مع غزة، وضع تعليقا يقول (يا فلسطيني ياللي قاعد عالنت، انت راجل ولا ست). لن أبوح باسمه هنا لمعرفتي بأن صديقاتنا الناشطات في الحركة النسوية كفيلات بدمه.
السخرية مما يحدث منسجمة مع سمات جديدة في هذه المذبحة، وكوميديا أن يقوم جيش قاتل بإرسال رسالة إلي من يقتله علي هاتفه الجوال ليخبره بأنه سوف يقتله. سفاحو إسرائيل لم يفقدوا روح السخرية، ولم يفقدها الغزاويون أيضا. خلال مكالمة مع منال عواد، إحدي الصديقات بغزة في يوم رأس السنة، أخبرتني عن الرسائل وعن القنابل الإسرائيلية التي أسمتها ألعابا نارية بمناسبة العام الجديد، هي تسكن في رفح وحكت أن بيت عائلتها (الذي زرته قبل ثلاث سنوات خلال زيارة إلي فلسطين المحتلة عامي 84 و76، التي ربما أكتب عنها في المستقبل) يبعد700 متر عن الجدار العازل بين فلسطين ومصر، الجيش الإسرائيلي ينذر السكان بأن يبتعدوا ألف متر عن هذا الجدار، لأنه سوف يدمر المنطقة. تتساءل هي، من بيتها الذي لم تغادره، إذا كانت الـ 700 متر كافية؟ هل يمكن خداع الإسرائيليين في 300 متر؟ هذا فقط نموذج من الكوميديا الدامية، التي سيطرت علينا طوال الأسابيع الماضية، والتي لم تتوقف حتي هذه اللحظة. أتكتمل حين نري ممثلي حماس ذاهبين للقاهرة ليجلسوا علي نفس المائدة التي اتخذ عليها قرار ذبحهم أو تأديبهم

No hay comentarios: