martes, 9 de agosto de 2011

موسم الهجرة إلي ماكدونالدز

موسم الهجرة إلي ماكدونالدز


أتي الربيع، الموسم يحل باكرا و سوف يشتعل شيئا فشيئا. الموسم المناسب من أجل أن تخاطر بحياتك من أجل حياة أفضل. فأنت تعرف أن ما يدعونه من أنه ليس هناك مكان و عمل للجميع، ليس صحيحا تماما، و أنه حتي العمل الحقير في الشمال الغني أفضل مما هو متاح في بلادك.

منذ أيام فقد المئات من الفقراء الأفارقة حياتهم، خلال مغامرتهم للعبور نحو هذا الشمال، مستخدمين الساحل الليبي. و هو ما سيتكرر المئات من المرات خلال الصيف القادم، عبر المحاولات الأبدية من أجل الوصول إلي الساحل الإسباني، أو الإيطالي، منطلقين من ليبيا، المغرب العربي، أو السنغال. العداد سوف يستمر في التسجيل ليحول الجثث، الأسماء، و القصص لمجرد أرقام مشكوك في دقتها.

منذ أعوام رسم أحد الرسامين الإسبان الساحل الأوروبي واضعا عليه علم سلسلة المطاعم العالمية ماكدونالدز، تذكرت الكاريكاتير منذ أيام، عندما أخبرني أحد منتجي الأفلام التسجيلية، بإعجاب بالغ بذاته و توجهاته الإجتماعية، عن التمويل الضخم الذي يحصل عليه من أجل عمل أفلام يتم إستهلاكها في العالم الثالث، موجهة جميعا رسالة واحدة "عفوا أعزائنا الفقراء، الجنة ليست هنا، فلا تهاجروا إلينا". هل هذا التوجه مناسب لهذا الكاريكاتير!! هل هناك من يخاطر بحياته في قوارب الموت الشهيرة من أجل ماكدونالدز!!

إذا تركنا مؤقتا أوروبا، لنعبر المحيط الأطلنطي إلي نيويورك، فسنجد أن مسألة أن تنجوا بحياتك و أنت تعبر الحدود، لا تشكل أي ضمانة، فمن الممكن أن تُقتل علي يد مهاجر أخر، يعاني من العزلة، مثلما حدث منذ أيام، أو أن يقتلك أحد المجانين أو العنصريين.

و عودة إلي أوروبا، فأن السود بالنسبة للأوروبيين ليسوا سواء، فهم مختلفين، و لكن بالنسبة للخطاب العنصري، فهم أحيانا متساويون، و ليس دائما. أحد الصحفيين الإسبان الشهيرين من المنتمين لتيار الوسط، و المدعو دائما إلي أحد أكثر البرامج جماهيرية بالتلفزيون، لم يتردد منذ أيام أن يعبر عن إندهاشه بأوباما و إعجابه به، قائلا "أخيرا وجدنا شخص أسود ذكي"!!!

نفس الفئات الإحتماعية التي تتبني الخطاب العنصري، هي نفسها المعجبة منذ عشرة أعوام بأغنية مانو تشاو التي يقول بها "حين يحضر الجوع... يرحل الرجل... دون أية أسباب إضافية... فمتي نراه عائدا فوق الطريق؟"

و هي ذاتها نفس الفئات التي تؤيد قرار السلطات بأحد القري الإيطالية "فوجا" بتخصيص أتوبيسات للنقل العام فقط للمهاجرين، و ليس للجميع!!! و بالمناسبة فأن عمدة القرية المنتمي ليسار الوسط و الأمم المتحدة أيدوا القرار. الفصل العنصري هنا يتم بحجة السلام الإجتماعي، ملتقين مع برنامج الحزب الشعبي الإسباني الذي يهدف إلي أن يوقع كل المهاجرين عقد يلزمهم بإحترام العادات و التقاليد الإسبانيه وتعايشهم معها!!

في ميليية، المستعمرة الإسبانية داخل الأراضي المغربية، أدهشني الحاجز الهائل الذي يحمي المدينة من المهاجرين غير الشرعيين، و الذي لا يمنع هؤلاء المهاجرين القاطنيين العراء، بالتلال المحيطة، من أن يشاهدوا من بعيد ماكدونالدز الإسباني/الأفريقي.

حق الرؤية مضمون، ففي الصيف الماضي نُشرت أحدي الصور للشاطئ الإيطالي، يوم مشمس، الكثير مستلقين أمام البحر، و منهم أحدي الفاتنات العاريات التي تستمتع بالشمس، و ما تمنحه لجسدها من لون أسمر، بينما علي بُعد عدة أمتار تستلقي جثة أحد المهاجرين التي قذفها البحر، و هنا تجد نفسك حائرا، أتوجه نظرك لجسدها الفاتن أم إلي الوجه الغاضب لهذا الأفريقي الميت.

مشهد يتناقض مع ردة فعل المستجمين علي أحد شواطئ العراة في جزر الكاناريا منذ أعوام، و تمت إذاعته بالصدفة علي التلفزيون بعد أن قام بتصويره أحدهم، حين وجدوا أنفسهم فجأة أمام العشرات من الناجين من أحد قوارب الموت، فيقومون بمساعدتهم، إسعافهم، و إعانتهم علي الهرب من الشرطة.

لأول مرة سأدعي إمتلاك الحل، و لأقدمه كهدية مجانية للأنظمة الأوروبية الديمقراطية، و هو يشتمل علي جانبين، الأول هو إلغاء أحد بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان – من الأفضل إلغاءه كاملا – و هو البند البليغ الذي يتحدث حول حق البشر في الإنتقال، السفر، و حرية إختيار مكان الإقامة و العيش. فهو برغم بلاغته مناسب فقط للفترة التي إحتاجت خلالها أوروبا للأيدي العاملة الرخيصة من أجل إعمارها و إنمائها.

أما الجانب الأخر من الحل الحاسم "للمحنة الأوروبية" فهو ألا يتم إستهلاك الأموال في عمليات إنقاذ هؤلاء الفقراء حين يتعرضون لخطر الغرق، أو في مراقبة سواحل بلدانهم، بل تركهم يغرقون عقابا لهم و عبرة للأخرين، و حين يتم القبض علي الناجين الملاعين، فيجب إجبارهم علي العودة إلي بلدانهم في مراكب أكثر هشاشة من المراكب التي أتوا بها، أو العودة مشيا علي الأقدام إذا كانوا من الهند، باكستان، أو الصين.


باسل رمسيس


No hay comentarios: